الجمعة، 15 يونيو 2012
1:38 ص

أصل المسيح الدجال.. ولماذا لم يذكره الله تعالى في القرآن؟ د.عائض القرني ؟؟


نبذة عن موضوع...

















اخواني واحبابي انقل اليكم هذه المحاضرة للدكتور عائض القرني وهو يتكلم عن الدجال بالتفصيل وجزاه الله خير ونفع الله بعلمه 
ما هو أصل المسيح الدجال؟ 


أصله عند أهل العلم من اليهود عليهم لعنة الله، واليهود هم شر خليقة على 
وجه الأرض، ولا يأتي الفساد والإجرام إلا منهم، وفي رواية عن أبي سعيد 
الخدري كما في مسلم أنه من اليهود. 


هل هو موجود في عهد النبي عليه الصلاة والسلام؟


نعم كما سلف معنا أنه موجود من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولا زال إلى الآن، فيخرج متى أذن الله عَزَّ وَجَلَ له بالخروج.


وهل ذكره الله في القرآن؟




الصحيح عند أهل العلم: أن الله لم يذكره باسمه، ذكر الله عَزَّ وَجَلَ الدابة، وذكر يأجوج ومأجوج، ولكن لم يذكر المسيح الدجال.


قال أهل العلم -وهو أحد الشافعية- عن سبب عدم ذكر الله له في القرآن:
إن الله يذكر الآيات المتقدمة ولا يذكر الآيات القادمة -هذا فهم خاطئ- فإن 
الله ذكر الدابة وهي مستقبلية وقادمة، وكذلك يأجوج ومأجوج.


وقال عالم آخر: بل أشار الله إليه في القرآن في قوله سُبْحَانَهُ 
وَتَعَالَى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً 
إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ [الأنعام:158] قالوا: هو 
المسيح الدجال، وعند الترمذي : {أن الرسول عليه الصلاة والسلام قرأ قوله 
تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً 
إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ )[الأنعام:158] قال: الدابة، 
والمسيح الدجال، ويأجوج ومأجوج }.


وقال عالم آخر من الشافعية أيضاً: بل أشار الله عَزَّ وَجَلَ إلى خلق 
المسيح الدجال في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ 
وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر:57] قال: الناس هنا 
المسيح الدجال! وهذا ليس بيقين، والآية ليس فيها دليل تنصيص على أنه المسيح
الدجال، وهذا أمر لا يعرف إذا لم يشر إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لكن 
الرسول عليه الصلاة والسلام أخبرنا به وحذرنا من فتنته، وذكر لنا معالم 
لخروجه عليه لعنة الله ووقانا الله شره.


وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {يخرج عند فتح المسلمين 
القسطنطينية } والقسطنطينية فتحت وهي استانبول وسوف يخرج بعدها، وأيام الله
عَزَّ وَجَلَ تعادل من أيامنا الألوف، وقد أخبر الرسول عليه الصلاة 
والسلام أنه خرج هو والساعة كهاتين، ونحن في القرن الخامس عشر، ولا زلنا في
هذا الفارق البسيط بين الأصبع الوسطى والسبابة، فإنه ولو فتحت القسطنطينية
قديماً، فهو قريب أن يخرج - أعاذنا الله من شره- وقد حاول فتحها يزيد بن 
معاوية وغزاها، والذي فتحها هو محمد الفاتح الخليفة التركي، غزا الصليبيين 
فافتتحها فتحاً عظيماً، وهي من حسناته التي تكتب له -إن شاء الله- وهو من 
خيرة خلفاء الدولة العثمانية.......






سبب خروج المسيح الدجال
يغضب غضبة ثم يخرج على الناس، فيمشي في البلاد أربعين ليلة، يوم كسنة، ويوم
كشهر، ويوم كأسبوع وبقية أيامه كأيام الدنيا، فيطوف البقاع كلها، إلا مكة 
والمدينة لا يدخلها أبداً، فإذا اقترب من مكة رجفت مكة رجفة تخرج له الفسقة
والمنافقون ويقترب من المدينة ، يقول عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: 
{والذي نفسي بيده ما من نقب من أنقاب المدينة إلا عليه ملك معه سيف مصلت } 
يمنع ويحمي المدينة بإذن الله، فترجف رجفة فيخرج له المنافقون والفجرة 
فيفتنهم.


وهنا اعتراض صح عنه عليه الصلاة والسلام في الصحيحين أنه قال: {رأيت 
البارحة - يعني في المنام - عيسى بن مريم عليه السلام، يطوف بين رجلين 
بالبيت كأنه يخرج من ديماس -يعني يقطر رأسه دهناً- وسطٌ ربعة، أحمر، ثم 
رأيت رجلاً بعده أشبه الناس بـابن قطن -وهو رجل مات في الجاهلية- أعور 
العين اليمنى، جعد الشعر - أي: ملفوف الشعر- قلت: من هذا؟ قال: المسيح 
الدجال } 


والسؤال عند أهل العلم: كيف رآه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند البيت وفي الحديث أنه لا يدخل مكة ؟
والجواب: أولاً: هذه رؤيا منام وليست في اليقظة، وليست كل رؤيا في المنام تحققت في اليقظة.
الأمر الثاني: أنه محرم عليه أن يدخل مكة يوم يخرج على الناس في الفتنة، أما قبلها فقد يدخل، وهذا جواب سديد.




البلاد التي يخرج منها الدجال


من أين يخرج؟
الصحيح عند العلماء: أنه يخرج من خراسان وهي: في بلاد إيران وقيل عند مسلم : {بل يخرج من أصبهان } وأظنها قريبة من خراسان . 


خذا جنب هرشى أو قفاها فإنه كلا جانبي هرشى لهن طريق 
فـخراسان كـأصبهان قريبتان من بعضهما، ويخرج معه سبعون ألفاً من اليهود، 
وهم جيشه، عليهم الطيالسة أخزاهم الله، والطيالسة هي: الثياب بالقبع التي 
على الرأس، أي: الثوب بالطربوش -مثل: ثياب المغاربة- يخرجون معه يناصرونه 
ويذبون عنه.




دعوة المسيح الدجال


ما هي دعوته؟ 


فيدعي أولاً: الإيمان والصلاح، ثم يدعي النبوة، ثم يدعي الألوهية، فيعبث 
بالناس ويفتنهم فتنة عظيمة، لأن الله عَزَّ وَجَلَ أجرى على يديه مخاريق، 
وليست كرامات من كرامات المؤمنين، ولا معجزات من معجزات الأنبياء عليهم 
الصلاة والسلام. 
ومنها: أنه يأتي إلى الخربة فيأمرها أن تخرج كنوزها، فيتبعه الذهب والفضة كأعاسيب النحل. 
ومنها: أنه يأتي بجنة ونار يعرضها للناس، فجنته نارٌ وناره جنة. 
ومنها: أنه يأتي إلى الشاة الحائل، فيقول لصاحبها: أتريد أن أحلبها؟ قال: نعم، قال: فتؤمن بي؟ قال: إن فعلت آمنت، فيحلبها فيؤمن به. 


ويأتي إلى الرجل يقول له: أأحيي أباك؟ قال: نعم فيحييه بإذن الله.


فهو فتنة عظيمة ما بعدها فتنة، لكنِ المؤمنون لا يفتتنون به، فهم على بصيرة
من الله، وسوف أذكر بإذن الله الأمور التي تحجب فتنة المسيح الدجال، 
أعاذنا الله من فتنته. 


فتنه كثيرة يأتيه رجل من المؤمنين أقرب الناس درجة لرسولنا عليه الصلاة 
والسلام في الجنة، وهو من خيرة الشهداء، رجل من الموحدين المؤمنين يخرج إلى
المسيح الدجال، فيقول المسيح: أتؤمن بي؟ قال: لا. فيقطعه بالسيف قطعتين، 
ثم يحييه بإذن الله، فإذا هو أمامه، قال له: أتؤمن بي؟ قال: أكفر بك، فيريد
أن يقتله فلا يستطيع، فيأخذه بيده ورجليه فيقذف به، فيظن أنه ألقاه في 
النار وإنما أُلقي في الجنة، وهذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين.


أما الذي يقتل المسيح الدجال فهو عيسى عليه السلام، وعيسى ينزل عند المنارة
الشرقية في دمشق ينزله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في آخر وقت من الزمن، فيأتي
وإذا المهدي عليه السلام -من ذرية الرسول عليه الصلاة والسلام- الذي يظهره
الله في الأرض يملؤها عدلاً وسلاماً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، فيصلي 
المسيح عيسى بن مريم وراء المهدي، ويحكم بشريعة الرسول عليه الصلاة 
والسلام، ثم يطارد هذا المجرم، ويقتله عند باب لد في فلسطين وينهي الله 
فتنته. 


والمسيح الدجال من الآيات الكبرى لقيام الساعة، ثم تقوم الساعة، وكان عليه 
الصلاة والسلام في كل صلاة يستعيذ بالله من فتنته، وهو سيد الخلق المعصوم، 
فكيف بنا ضعاف الإيمان المتعرضين للفتن صباح مساء.




سبب إعطاء الله للمسيح الدجال الخوارق




السؤال عند أهل العلم: لماذا يعطيه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هذه الآيات
والمخاريق وهو مجرم؟ وكيف يسلطه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهو دجال 
كافر؟


الجواب: يقول أهل العلم: هذه إنما هي مخاريق ولا حقيقة لها، وأما آيات الأنبياء فهي حق لسببين اثنين:


أولاً: آيات الأنبياء يتوصل بها إلى إقامة الحق.


ثانياً: أنه لا معارض لها، فيصدقها الناس وتستمر ولا معارض لها.


أما هذه فهي دجل وتمويه ظاهره كذب، وباطنه نفاق وخديعة، فهذا الفارق بين الاثنين.






المسيح أعور العين اليمنى


يقال: كيف يكون مطموس العين اليمنى مع العلم أنه أتى في بعض الروايات العين
اليسرى؟ وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عينه اليسرى كالعنبة 
الطافية.


قال القاضي عياض - رحمه الله - الجمع بين ذلك أن يقال عينه اليمنى هي 
العوراء، وأما عينه الصحيحة فتبقى لها بريق، وصفها عليه الصلاة والسلام 
كالنخامة في الجدار، ووصفها كالكوكب الدري، تلمع لمعاناً، ويظهر أنه ولد 
صحيحاً، ثم دخلته العاهة وهي دليل على أنه لو كان إلهاً كان أزال العاهة عن
جسمه، وأزال الخلل عن خلقته، ولكن أبى الله أن يكون الكمال إلا له وحده، 
حتى يقول له الذي يخاصمه: لو كنت إلهاً أزلت العيب الذي فيك، لو كنت إلها 
ما كنت أعور والله ليس بأعور! تبارك الله رب العالمين، بل الكمال المطلق 
له: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ 
يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4].


والعور هذا في عينيه فيه مصالح ومقاصد:


أولاً: ليتميز به بين الناس. 


ثانياً: لينفصل عن الألوهية فيكذب. 


ثالثاً: أنه دخله العيب، ولا يستطيع إزاحة العيب عن جسمه.






المسيح مكتوب على جبينه كفر


مكتوب كما في الصحيح على جبينه كافر، وفي رواية مسلم يتهجاها الراوي يقول: (ك- ف- ر) أي: كفر.


يقرؤها القارئ وغير القارئ من المؤمنين، وأما المنافق والفاجر فلا يستطيع 
قراءتها، ولو كان يحمل الدكتوراه، فهي قراءةٌ خاصةٌ وحدسٌ خاص، ولله أسرار 
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.


يأتي الأمي وهو موحد مؤمن، فيقرأ على جبينه كفر، أو كافر، ويأتي هذا 
المتعلم الزنديق الملحد فلا يستطيع أن يقرأها، إنها حكمة بالغة وقدرة 
نافذة، فما تغني النذر، وليس كل العلم هو العلم التلقيني، أو العلم 
التجريبي، إن العلم المتلقى ليس كل شيء، قال تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ 
أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى 
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الرعد:19] وقال الله في قوم 
تعلموا العلم ولم ينفعهم: يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم:7].




الأكلة التي يفتن بها المسيح الدجال الناس


جلس عليه الصلاة والسلام بين الصحابة فذكر لهم فتنة المسيح الدجال، وأخبرهم
أن معه ثريد يفتن به الناس، ثريد أي: لحم ومرق وخبز، وهذه أكلة شهية عند 
العرب، أحسن ما ينغمس العرب في هذه الأكلة، ويقولون: الطوائف من الناس لهم 
أكلات، وهذه بين الشعوب معروفة مثل: أهل إفريقيا مغرمون بالبطاطس، ومثل: 
أناس يغرمون بالفول، وقريش مغرمة بالسخينة، حتى يقول كعب بن مالك :


زعمت سخينة أن ستغلب ربها وليغلبن مغلب الغلاب 


يقول كعب : سخينة هؤلاء أهل الحساء -دقيق وسمن- وأهل الشربة يزعمون أنهم 
سوف يغلبون الله، لأنهم حاربوا الله في بدر ، فتبسم عليه الصلاة والسلام، 
وقال: {كيف قلت يا كعب ؟ } يقول أعد علي البيت، كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ 
وَسَلَّمَ يحب الشعر الحسن، ويحب الدعابة، والفكاهة ويدخل إلى النفوس، قال:
{كيف قلت يا كعب ؟ } قال: قلت يا رسول:


زعمت سخينة أن ستغلب ربها فليغلبن مغلب الغلاب 




قال: {إن الله شكر لك بيتك يا كعب ! } سبحان الله! إِلَيْهِ يَصْعَدُ 
الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )[فاطر:10] وبعض 
الأبيات يشكرها الله وهي من أحسن ما يكون، وبعض الأبيات يدخل الله أصحابها 
النار، فمما يُشكر قول حسان وهي أشرف بيت قالته العرب:


وبيوم بدرٍ إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد 




هل هناك أشرف من هذا البيت؟ 


يقول: قيادتنا العسكرية يوم بدر جبريل ومحمد، وعند أهل السنة : أن القائد 
الأعلى رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، وأن جبريل كان في قيادته، لأنه نزل
جبريل بألف من الملائكة على الأقل، ثم شارك في المعركة، وهذا يسميه بعض 
العصريين (الكمندوز) ونحن نتحرز من هذا الإطلاق ونتوقر أمام هذا، لأن 
الألفاظ الشرعية نلقيها كما كانت، أنا سمعت خطيباً في شريط يقول: واتصل 
عليه الصلاة والسلام اتصالاً فورياً بالملأ الأعلى، ويطلب منه أنه -عاوز 
ألف جندي- قال: فأرسل الله له على الفور جبريل وهو قائد فرقة (ثمانية 
وثلاثين) المتخصصة في النسف والإبادة والتدمير، مقصوده: أن جبريل عليه 
السلام دائماً يدمر القرى، قال: فنزل واشترك معه في المعركة. 


فلا بأس أن نستخدم أسلوباً عصرياً جذاباً، مثلما فعل صاحب كتاب الرحيق 
المختوم الذي نال الجائزة العالمية في كتابته عن سيرة الرسول صَلَّى اللهُ 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثل قوله: أبو بكر يعلن سياسة حكومته الجديدة بعد 
توليه الحكم بعد الرسول عليه الصلاة والسلام، والرسول صَلَّى اللهُ 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجتمع بكبار مستشاريه قبل معركة بدر ، الرسول صَلَّى 
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلن الحرب على المنبر على أبي سفيان ، الرسول 
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقطع خط القافلة ويضرب حصاراً اقتصادياً 
على مكة . 


هذا أسلوب عصري جميل، أما بعض البياض إذا زاد أصبح برصاً ولا يقبل، فالألفاظ الشرعية نحفظها مكانها. 


الشاهد: أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مع المسيح الدجال 
ثريد يفتن به الناس، فمن أكل من ثريده فتنه، قال الأعرابي: {يا رسول الله 
كيف يفتنه؟ قال: يؤكله من ثريده، ويقول: أنا ربك، قال بدوي أعرابي: والله 
يا رسول الله لآكلن من ثريده حتى أشبع، ثم أقول: آمنت بالله وكفرت بك، 
فتبسم عليه الصلاة والسلام } أي: من يملك عقله في ذاك الوقت، ويظن ذلك 
الرجل أنه على الظاهر، كذلك يأكل ثم يحلف بالله أنه لا يؤمن به، وهم أهل 
دواهي، ولذلك كان يتحمل لهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جفاهم.


ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث يحسنه بعض الناس: {من بدا 
جفا، ومن تتبع الصيد غفل، ومن دخل على السلطان افتتن } وهذا ليس من حديثنا 
في شيء، ولكن عرجنا عليه تعريجاً.


نشير إلى التنوفة وهي قفر ومن بالسفح يعرف من عنينا 




صفـة الدجال ونسبه


وصف الجسم: أنه أفحج أي: يمشي كأنه مختون، متباعد الرجلين، كبير البطن من 
كثرة ما يأكل من الحرام، وقصير القامة، وجعد الشعر أي: ملفوف الشعر، أعور 
العين اليمنى، وأما اليسرى فبادية ظاهرة كأنها عنبة طافية، ويقول أهل 
العلم: انه من البشر ليس له ذرية، وقد ولد من نسل يهودي كما ذكر سابقاً.




المسيح الدجال هل هو ابن صياد؟


والقضية الأخيرة: هل هو ابن صياد ، أو غير ابن صياد ؟
كان بعض السلف كـابن عمر وغيره يرون أنه ابن صياد . 


وابن صياد رجل من اليهود في المدينة لقيه عليه الصلاة والسلام وخرج إليه 
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدما أخبره الله أنه موجود، وهذا رجل 
مفتون من اليهود، وأتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والرجل 
اليهودي هذا غلام صغير وراء النخلة، فكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 
يمشي هويناً ويقول للصحابة: انتظروا -يريد أن يقبض عليه- فأتى صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يختفي، يقول الراوي: كأني برسول الله صَلَّى اللهُ 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يريد أن يصيد مثل: من يصيد الحمامة معه بندقية، قال: 
كان يختفي في ظل النخل ليقبض عليه، وإذا بأم هذا المجرم اليهودية تنظر 
إليه، قالت: محمد، محمد، أي: انتبه، فقام: فلحقه عليه الصلاة والسلام قال 
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {خبأت لك خبيئة ما هي؟ قال: الدخ، قال: 
كذبت }.


خبأت لك، أي: كتمت في قلبي الدخان، الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كتم كلمة في صدره وهي: الدخان، قال: هل تعرفها؟ قال: الدخ. عرف شيئاً منها
ولم يعرف الآخر!


قال عمر يا رسول الله: دعني أضرب عنقه -كان عمر جاهزاً دائماً لضرب الأعناق- قال: {إن يكنه فلن تسلط عليه }. 


يقول: إن كان هو الدجال فلن تسلط عليه، فإنه لا يقتل الدجال إلا عيسى عليه 
السلام، فإنه يقتله بحربة معه، يأتي به ويطارده إلى باب لد فيذبحه هناك، 
وأما عمر فلن يسلط عليه، رضي الله عن عمر وأرضاه.


وابن صياد حير كثير من الصحابة؛ لأنه فجأة خرجت له عين طافية وهو شاب، وأصبح أعور العين اليمنى، فاحتاروا فيه.


الأمر الثاني: أنه يهودي.


يقول أبو سعيد الخدري : خرجت مع ابن صياد إلى مكة للعمرة، فقال: كم لقينا 
منكم يا أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آذيتموني حتى قلتم 
أني أنا المسيح الدجال! أما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام أن المسيح 
الدجال كافر وأنا مسلم؟! قال أبو سعيد : نعم. فقال: أما يقول أنه لا يولد 
له وعندي أولاد، قال أبو سعيد : نعم. فقال: أما يقول أنه لا يدخل مكة وأنا 
أدخل مكة الآن معكم، قال: نعم.


فقال أبو سعيد : اطمأننت أنه ليس المسيح الدجال، ثم قال لي: والله إني أدري
أين مكان المسيح الدجال؟ وما هو وصفه، وأين هو الآن؟! قلت: تباً لك سائر 
هذا اليوم، أردت أن أطمئن إليك فأتيت بهذا، ثم قال: خذ الماء اشرب - أتى 
بماء من قربة لـأبي سعيد الصحابي - قال: فخفت أن أتناول الماء من يده، لما 
سمعت كلامه فقلت الجو حار - وهذا من التعريض في الكلام، أي: لا أستطيع أن 
أشرب، ولكنه لا يريد أن يشرب من يده، أخزاه الله، هذا ابن صياد - والظاهر 
والله أعلم أنه غير المسيح الدجال.


والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أخبر بدجاجلة ثلاثين كذابين، 
وأكبر الدجاجلة المسيح الدجال فهو قائدهم وأكبرهم، وأخبر أنهم سوف يأتون 
بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعي كل منهم النبوة وآخرهم الرجل 
الذي ادعى النبوة قبل ما يقارب سنة ونصف، أو سنتين ذلك الصيني الذي كان في 
أمريكا في ولاية" أريزونا " عليه غضب الله ولا يزال يظهر الآن منهم حتى يتم
العدد ثلاثين، ثم يأتي المسيح الدجال، وفتنته فتنة لكل مفتون.




أحاديث الفتـن


حديث حذيفة الذي فيه ذكر فتنة الدجال


كان الصحابة يعملون بالتخصصات فكان حذيفة تخصصه السؤال في الفتن، وأبو ذر 
دائماً يسأل عن أحاديث الزهد والعبادة في الغالب، وجابر أحاديث الحج، 
وأحاديث الفرائض عند زيد بن ثابت .


يقول حذيفة : {كان الناس يسألون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني } وهذا مبدأ جميل أن تعرف 
الشر وتعرف الباطل.


عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه 




ومن لا يعرف الشر جدير أن يقع فيه 




ومن ميزة رسالة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه عرف الشر، يقول
العلماء: إن السر الذي جعل الله عَزَّ وَجَلَّ يكتب لرسوله صَلَّى اللهُ 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيش أربعين سنة بين الجاهليين ليعرف الجاهلية، لم 
يكن ملكاً حتى يعترضون عليه، فالله عَزَّ وَجَلَّ أخبرهم أنه بشر يعيش 
آلامهم وآمالهم وطموحاتهم، ويأكل مما يأكلون، ويشرب مما يشربون، ويمشي في 
الأسواق، ويبيع ويشتري، ويتزوج النساء قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا 
رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً 
[الرعد:38] ليعرف واقعهم، أما إن كان ملكاً فسيقولون: لا نستطيع أن نفعل 
كفعلك لأنك ملك ونحن بشر، إذا صلى قالوا: لا نستطيع، فجعله الله 
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بشراً. 


الشاهد في ذلك: قال الله عَزَّ وَجَلَ: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ 
وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام:55] ومعرفة الشر قضية 
مهمة، وهي من معرفة الواقع، ولذلك يقول أحد المستشرقين: في كتاب" ماذا 
قالوا عن الرسول محمد ؟" صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: أنا لا 
أعجب من محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكون نبياً فقبله أنبياء،
ولا رسولاً فقبله رسل، لكن أعجب من هذا الرجل يعيش أربعين سنة بين البدو- 
يقصد أهل مكة - ثم ينبري بعد الأربعين، فإذا هو أخطب خطيب، وأفصح فصيح، 
وأقوى قائد، وأحنك سياسي وأفتى مفتٍ، هذا هو العجب، لكن نقول: وَالنَّجْمِ 
إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنْ 
الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى [النجم:1-4].


وإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال 




قال حذيفة : ذُكر الدجال عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 
فقال: {لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، ولن ينجو أحد مما قبلها
إلا نجا منها، وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة 
الدجال } أي: أن الفتن تهون إلا فتنة هذا الدجال -عياذاً بالله- هذا الحديث
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح، 
والمقصد أنه أكبر فتنة، وأن من نجا من الفتن قبله ينجو من فتنته بإذن الله.




ومن الفتن: اختلاط الحق بالباطل حتى لا يدري 
الإنسان أي شيء يتبع، فتجده مرة في طائفة، ومرة في طائفة، ومرة في مبدأ، 
ومرة في قضية، هذا من الفتن العظيمة وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ 
فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [المائدة:41] وهو الرجل المفتون
في دينه الذي يبيع دينه كل يوم وأخبر عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {أنه
تأتي فتن يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، 
يبيع دينه بعرض من الدنيا } وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام: {أنه سوف تأتي
فتن يمر الرجل فيها بصاحب القبر فيقول: يا ليتني كنت مكانك! } من كثرة 
الفتن التي تعم، حتى لا يعرف الإنسان كيف يتصرف، وماذا يقول، ومن يتبع؛ من 
كثرة من يدعو إلى الحق وهو ليس بمحق، ومن كثرة من ينادي بأن منهجه هو 
الصواب ومنهج غيره الخطأ، وعلى المسلم في ذلك أن يلتزم بالكتاب والسنة , 
وأن يتبع الرسول عليه الصلاة والسلام، وسوف يأتي كلام في هذا في كتاب الفتن
إن شاء الله.


وجود فتنة أكبر من فتنة الدجال 


وعن هشام بن عامر الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أكبر من
فتنة الدجال } رواه مسلم بأطول من هذا، فهي الفتنة العظيمة التي تعوذ منها
المتعوذون، أعاذنا الله وإياكم من فتنته.


إذا خرج الدجال تكون الأيام -كما قلت- يوماً كسنة، ويوماً كشهر، ويوماً 
كأسبوع {فسأل الصحابة الرسول عليه الصلاة والسلام: كيف نصلي في اليوم الذي 
كسنة؟ قال: اقدروا له قدره } أي: قدروا الأوقات، فاليوم الذي كالسنة لا 
تكفيه خمس صلوات؛ لأنك تصلي الفجر وتمكث ستة أشهر، ثم تصلي الظهر، وتمكث 
ثلاثة أشهر ثم تصلي العصر- قال: اقدروا قدره. 


أخذ من هذا بعض العلماء: على أن أهل القطبين يقدرون قدر الصلوات، لأن في 
القطب الآن يكون عندهم النهار ساعتين، والليل عندهم اثنتان وعشرون ساعة 
أحياناً، فماذا يفعلون؟ يكفيهم في النهار فقط صلاة، قال: اقدروا قدره، 
وأحياناً عندهم إذا أذن المغرب بعد ساعة وربع، يؤذن لصلاة الفجر، فأين تذهب
العشاء؟ يقدرون قدرها، لأن أهل الفتوى يقولون لأهل القطبين على قولين: 


- يصلون على صلاة أهل مكة . 


- ومنهم من قال: أقرب البقاع إليهم، والصحيح يقدرون قدرها في الساعات كالأيام العادية في بلد متوسط معتدل. 


وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ما كانت فتنة ولن تكون حتى تقوم الساعة أكبر من فتنة 
الدجال } قال الحافظ ابن كثير في النهاية تفرد به أحمد وإسناده جيد وصححه 
الحاكم . 


وهنا الحديث الطويل الذي أوردته عند مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: 
والله لقد سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {ليكونن 
قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون } هؤلاء الثلاثون يدعون 
النبوة، وفي عهده عليه الصلاة والسلام خرج أناس منهم مسيلمة الكذاب، وبعده 
الأسود العنسي وطليحة بن خويلد ورجع طليحة إلى الإيمان.




جنود المسيح الدجال


وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: {حدثنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ 
وَسَلَّمَ، أن الدجال يخرج من أرض المشرق، يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن
وجوههم المجان المطرَّقة أو المطْرقة } أي: وجوههم ملفوفة في آنافهم. 


يقول بعض العلماء في هذا الحديث: هم مثل أهل الصين وأهل كوريا تجد أنوفهم 
من جنس وجوههم ليس فيها بروز كأنها الحبحب، والشعب الآري دائماً أشبه الناس
بهذا الذي وصفه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا خرج جيشه خرج من 
هذا الصنف، حتى إن بعض المتأخرين من العلماء في يأجوج ومأجوج قالوا: هم أهل
كوريا والصين واعترض عليه باعتراضات كثيرة، فالله أعلم. 


لكن في التاريخ الآن هناك قبائل في الصين اسمها يأجوج ومأجوج، حتى بلغة 
الصين ، وهي موجودة يقول: أصلها من عهد كونفشيوس وهو مؤسس مذهب إلحادي، وهو
روحاني منحرف، ويتبعه الصينيون الآن، ويريد بعض الشيوعيين أن يعود إلى 
كونفشيوس ومبادئه، ومن أجلها وقعت المقتلة في الساحة الكبرى في بكين -كما 
تعرفون- قبل ما يقارب سنة، أو سنة ونصف، والشاهد: أنهم من تلك الجهة يخرجون
معه -أعاذنا الله من فتنته وفتنتهم- ويقاتلون معه، وهذا الحديث إسناده 
صحيح.




محاولة الدجال دخول المدينة


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 
قال: {يأتي المسيح الدجال من قبل المشرق وهمته المدينة حتى ينزل دائر أحد -
يعني: قريباً من جبل أحد - ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام } وهناك يهلك،
يريد أن يقترب ولكن ينزل في حرة قريباً من المدينة والملائكة تجتمع عليه 
فتطرده بإذن الله، فيحاول أن يدخل من كل جهة، لكن لا يستطيع لأنها محصنة 
بالملائكة لشرفها، ولوجود الرسول عليه الصلاة والسلام. 


والعجيب من المعجزات يقولون: أن المسيح يصعد على جبل أحد ويقول: هذا قصر 
محمد، هذا قصر محمد الأبيض، أي: المسجد، وكان في عهده صَلَّى اللهُ 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طين لكن انظر المعجزة الآن -كما تعرفون- يبنى ويبيض 
ويصبح أبيض كالقصر، فيقول: هذا قصر محمد، يعني مسجده عليه الصلاة والسلام.


بنفسي تلك الأرض ما أحسن الربى وما أحسن المصطاف والمتربعا 


ذاك المسجد منه انطلقت الرسالة، والنور، والهداية، والإيمان، والعدل، والسلام، والحب، والرحمة، والحنان.


ذاك المسجد خرج منه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي . 


ذاك المسجد خرج منه الشعر الصادق، والأدب الناصع، والكلمة الحية، والأدب الجم.


ذاك المسجد خرجت منه حضارة الإنسان، حضارة الروح التي أهداها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام للناس.


وفي قصيدة مترجمة لـمحمد إقبال يقول أبو الحسن الندوي : محمد إقبال ما زار 
المدينة ، ولكنه توهم أنه مشى في الليل، فوصل إلى قبر الرسول عليه الصلاة 
والسلام، فأهدى له قصيدة، وإن شاء الله ستكون هناك محاضرة في كلية الشريعة 
بعنوان" محمد إقبال شاعر الحب والطموح" نتكلم عنه وعن شعره الإسلامي، وعن 
أثره في الأدب، إنما يقول:


وصلت إلى المدينة ، فقال لي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أين أتيت 
يا محمد إقبال ؟ وهذا شعر ترجم بالعربية، لو كان نظمه هو لكان أحسن كان 
يبكي بشعره الهنود، فشعره قوم دولة باكستان والتي فيها ثمانين مليوناً بإذن
الله، ثم بجهود محمد إقبال ، وهو الذي أتى بـمحمد علي جناح ويسميه 
الباكستانيون جنة، محمد علي جنة هذا أول رئيس لهم، فالمقصود: أنه يقول: 
أتيتك يا رسول الله! فقال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أين 
أتيت؟ قال: أتيت من الهند ، قال: هندي وتأتي إلي، ماذا أتى بك؟! قال: أنا 
جسمي هندي وقلبي عربي -يترجمها العربي- يقول: 


إن كان لي نغم الهنود ودنهم لكن ذاك الصوت من عدنان 




قال: ماذا جاء بك؟ قال: يا رسول الله أبحث عن أصحابك الذين رفعوا الرسالة 
في العالم ما وجدتهم -يقول: أين هم الدعاة الذين يبعثون لا إله إلا الله 
ويرفعونها- قال: أما أتوكم في الهند ؟ قال: أتونا لكن ماتوا، ثم ما أصبحت 
السفينة ترسل لنا أحداً في الهند - يقول: الجزيرة ما أصبحت تخرج لنا دعاة، 
خرج من الجزيرة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وخرج من الجزيرة خالد وسعد وخرج 
من الجزيرة علماء الإسلام، وأمة الإسلام أين هم؟- الآن لم يبق إلا أناس 
عاديون، أصبح يخرج منها بعضهم مطربين فنانين، ولكن ما أصبحت تخرج تلك 
العملة، أين هم يا رسول الله؟ فقال: فتأسف الرسول عليه الصلاة والسلام 
وتحسر قال: ثم وقفت باكياً، وقلت له وأنا أناجي ربي عند الرسول عليه الصلاة
والسلام في قصيدتي المشهورة: يارب!


من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا 


يا ربي أين الأمة؟ أتيت إلى الجزيرة فما وجدت الأمة، وجدت أناساً يبنون 
فللاً، وجدت أناساً يركبون سيارات فاخرة، ووجدت الناس عندهم قصور، ووجد 
الناس يلعبون البلوت والكيرم، وأناساً يصلون، لكن العالم يا رسول الله 
يفتقر إلى هذه الأمة لينشروا الدين، فأعدهم يا رب، قال: يارب!


من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا 




كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا 




محمد إقبال دخل أسبانيا ، فأتى الحمراء فبكى. قال له الأسبان: مالك تبكي؟ 
قال: أجدادي هم الذين بنوا هذا المسجد، دعوني أتكلم مع أجدادي، فتقدم إلى 
مقبرة، يقولون: بها الناصر وعبد الرحمن الداخل خلفاء الإسلام هناك قال: 
السلام عليكم، تركنا إرسال وفود من شبابنا إليكم، فأتت الماجنة الحمراء 
تغني على قبوركم، أي: الفرنجة تغني. 


مر بـالسويس في مصر فأرسل رسالة إلى فاروق مصر رسالة من السفينة يقول: يا 
فاروق مصر إنك لن تكون كـالفاروق عمر حتى تحمل درة عمر ، يقول: يا فاروق 
مصر لا تسم نفسك فاروقاً، فلن تكون كـالفاروق عمر حتى تحمل درة عمر .


الشاهد: أن المدينة لا يدخلها - بإذن الله - وأن النور سطع منها، وأنها 
تراثنا، وسمونا، وسؤددنا من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.


أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا 




وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا 




يقول ابن تيمية وهو يذكر بعض العلماء: كانوا إذا اقتربوا من المدينة ، 
يأتيهم شوق إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وبعضهم كان يبكي، والإمام مالك
أثر عنه أنه قال: والله لا أركب دابةً في المدينة ، قيل له: ولم؟ قال: 
تراب مدفون فيه رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، لا أركب دابةً وأطأ ثراه 
بدابة، وهذا من ورع مالك . 


وذكروا عن علماء العراق ومحدثيهم أنهم كانوا إذا اقتربوا من المدينة مشوا حفاة احتراماً وتوقيراً لرسول الهدى عليه الصلاة والسلام.


ولغلاة الصوفية عجائب في باب زيارة الرسول عليه الصلاة والسلام هناك، 
ويأتون بخزعبلات لا يصدقها العقل، قرأت لأحدهم يقول: أتيت إلى الرسول عليه 
الصلاة والسلام عند الروضة فاقتربت من القبر فقلت: يا رسول الله أنا فلان 
بن فلان -يعرف ببطاقته الشخصية- جئت من بلد كذا وكذا، وأنا يا رسول الله:


في حالة البعد نفسي كنت أرسلها تقبل الأرض عنكم وهي نائبتي 


وهذه دولة الأشباح قد حضرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي 


قال: فانشق القبر ومد يده، فسلم علي، هذه أكبر كذبة في التاريخ، والرسول 
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينشق عنه القبر، ولم يسلم على أحد، وهو
حي في قبره حياة الله أعلم بها، ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 
{أكثروا عليّ من الصلاة والسلام ليلة الجمعة ويوم الجمعة، فإن صلاتكم 
معروضة عليّ، قالوا: كيف تعرض عليك صلاتنا يا رسول الله وقد أرمت؟- أي 
بليت- قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء } ولهم أخبار في 
ذلك لكن حتى لا يتلبس على الإنسان بهذا، ونسأل الله أن يغفر في بعض المواقف
وبعض ما يجري من الناس.


حدثنا بعض المشايخ يقول: كنا عند الروضة نسلم عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ 
وَسَلَّمَ السلام الشرعي، فأتى رجل عجوز فسلم، قال: يا رسول الله! ما أريد 
أطول الكلام الشفاعة والسلام - يعني أنه مستعجل فيقول: يا رسول الله! عندي 
كلام كثير وأنا سوف أختصر لك الطلب، أريد شفاعة يوم القيامة، نسأل الله أن 
يغفر لنا. 


وقد ذكر أهل العلم في ذلك حتى في كتب السنن كلاماً عجيباً لمثل هؤلاء منهم 
ابن الجوزي يقول: أتى حاج أعرابي فخرج لرمي الجمرة يوم العاشر -جمرة 
العقبة- ونزل إلى الحرم، ثم تعلق بأستار الكعبة قال: اللهم اغفر لي قبل أن 
يزدحم عليك الحجاج.




اليهود الذين يتبعون الدجال


وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ 
وَسَلَّمَ: {يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم التيجان } فلا 
ينشر البلاء، والربا، والزنا، والزلازل، والفتن، إلا اليهود.


وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 
قال: {من سمع بالدجال فلينأى منه؛ فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فلا 
يزال به لما معه من الشبه حتى يتبعه } أي: أن أسلم السبل عند أهل العلم هو 
تجنبه، فإن سمعت أنه وصل إلى بلد فابتعد عنها إلى بلد آخر سريعاً، فلا بد 
أن يكون قبله تغطية إعلامية، ولا ندري هل يأتي ووسائل الإعلام متحركة فتخبر
بوصوله؟ أم يأتي في وقت قد انتهت هذه الوسائل -الله أعلم بذلك- لكن من سمع
به فلينأى عنه.


وعن جابر رضي الله عنه قال: {أشرف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ 
وَسَلَّمَ على فلق من أفلاق الحرة -الحرة: الحجارة السوداء في المدينة - 
ونحن معه، وقال: نعمت الأرض المدينة إذا خرج الدجال كان على كل نقب من 
أنقابها ملك لا يدخلها، فإذا كان كذلك رجفت المدينة بأهلها ثلاث رجفات لا 
يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه -وأكثر من يخرج إليه النساء- وذلك يوم 
التخليص }.


أي: النساء يخرجن بكثرة لكثرة الشبه في النساء، ولضعف عقول النساء، ولضعف 
إيمانهن في الغالب، وذلك يوم تنفي المدينة الخبث، كما ينفي الكير خبث 
الحديد، يكون معه سبعون ألفاً من اليهود على كل رجل منهم ساج وسيف محلى، 
فتضرب رقبته بهذه الضراب الذي عند مجتمع السيول، ثم قال رسول الله صَلَّى 
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ما كانت فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أكبر من
فتنة الدجال، وما من نبي إلا قد حذر أمته، ولأخبرنكم بشيء ما أخبر به نبي 
أمته قبلي، ثم وضع يده على عينه، ثم قال: أشهد أن الله - عَزَّ وَجَلَ - 
ليس بأعور } هذا الحديث صحيح بمجموع طرقه، وأورده الطبراني في الأوسط وغيره
من أهل العلم، وصححه الحاكم ، والمقصود قوله عليه الصلاة والسلام: {أشهد 
أن الله ليس بأعور } معناه: أن هذا يدعي أنه إله والله عَزَّ وَجَلَ لا 
يكون أعور تبارك وتعالى، بل له الكمال المطلق تقدس الله عن المثيل، وعن 
الشبيه، وعن الضد والند.




تحذير الأنبياء أمتهم من الدجال


وعن سفينة مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسبب تسميته 
سفينة: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاه متاعاً يحمل 
فحمل، فزاده الصحابة متاعاً، ثم زادوه، ثم زادوه فحملها من قوته، قال صلى 
الله عليه وسلم: {احمل إنما أنت سفينة } يتبسم له، فسموه سفينة ، وله كرامة
حيث نزل في البحر فانكسرت السفينة فركب خشباً منها فهبت به الريح إلى 
الساحل، فنزل إلى الساحل فإذا الأسد (أبو حيدرة) على الساحل ينتظره فقد فر 
من الموت وفي الموت وقع، فكان الماء أسهل، وتعرفون الأسد أنه ملك الحيوانات
حتى سماه الله في القرآن ولم يهدد بحيوان آخر يقول: فَمَا لَهُمْ عَنْ 
التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ 
مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر:49-51] وقسورة: هو الأسد، له مائة اسم، اسمه 
طلحة، وحمزة، وقسورة، وحيدرة، وأسامة، وهزبر، والليث.


وسامحوني أن أستطرد في قضية ذكرها صاحب كتاب" كليلة ودمنة " يصفها للناس 
حتى يمتثلوا ويعتبروا بها من التجربة، وإلا يمكن أنها لم تقع، يقول: قام 
الأسد في الصباح، وكان ملك الحيوانات، فقال: اذهبوا والتمسوا لي رزقاً، أي:
غداء وعشاء، فذهبوا فأتوا بظبي وأرنب وغزال، فوضعوها أمامه ميتة، قال: من 
يقسم بيننا؟ فأتى الذئب -الذئب عجول دائماً (أبو حصين) ليس عنده فكر، 
فالثعلب أذكى منه، الذئب فارس ولكنه عجول- قال: أنا أقسم، قال: كيف؟ قال: 
أما الغزال فلك؛ لأنه كبير، وأما الظبي فلي، وأما الأرنب فلأبي معاوية 
(الثعلب) لأنها صديقة له دائماً، ولذلك تجد هذا الثعلب ما يهوي إلا على 
الأرانب والدجاج فقط، فغضب الأسد فأتى فخلع رأس الذئب بيده في الأرض، وقال:
من يقسم بيننا؟ قال الثعلب: أنا يا أستاذ، قال: تفضل، قال: أما الأرنب 
ففطور لك، وأما الظبي فغداء لك، وأما الغزال فعشاء، قال: من علمك هذه 
الحكمة؟ قال: رأس الذئب!!


يقصدون بهذا أنك إذا أخطأ رجل أمامك تستفيد من خطئه، يقول المتنبي :


مصائب قوم عند قوم فوائد 




أي: أن تستفيد فهذا هو المقصود وهو درس تربوي، لكن جعلوه في صيغة حيوان؛ 
لأنه أصلاً في كتاب" كليلة ودمنة " طلب ملك من الملوك أن يكتب له هذا 
الحكيم، فخاف أن يكتب ويتكلم على أسرة الملك، فتكلم على الحيوانات، أي: 
(إياك أعني واسمعي يا جارة) حتى يعرف هو. 


فنزل سفينة وإذا الأسد أمامه، والبحر من ورائه قال: يا أسد! أنا من أصحاب 
الرسول عليه الصلاة والسلام فدعني، قال: فطأطأ الأسد له، ثم شم ثيابه، ثم 
تركه، وهي في ترجمة سفينة في كتب السيرة رضي الله عنه وأرضاه.


وعلى سبيل الاستطراد صلة بن أشيم وقعت له قصة حيث كان في خراسان يغزو، 
وقيل: في جهة كابول ، وكان من العباد الكبار، فترك الجيش نائمين، فقام 
يتوضأ، ودخل غابة من شجر يصلي، وفي أثناء الصلاة أتى أسد -يقول أحد 
تلاميذه- فرقيت شجرة ألتمس ماذا يفعل صلة ، قال: فأتى الأسد فطاف به فو 
الله ما تغير ولا استعجل في صلاته ولا تحرك من مكانه، ثم سلم من ركعتين، 
وقال: أيها الأسد إن كنت أمرت بقتلي فكلني وإلا فاتركني أصلي، قال: فزأر، 
ثم أرخى ذنبه وسحبه وذهب.


أي أمة سخر الله لها الحيوانات!! وأعود لـ محمد إقبال ، يقول في إفريقيا : 
إن عقبة بن نافع لما مر بـ إفريقيا - وهذا صحيح في كتب التاريخ - خرجت عليه
الحيات، والثعابين مع الجيش في إفريقيا في الغابات والأسود فوقف عقبة بن 
نافع رضي الله عنه وأرضاه يريد أن يفتح إفريقيا كلها قال: أيها الحيات، 
والعقارب، والثعابين، والسباع، والأسود نحن أصحاب رسول الله عليه الصلاة 
والسلام، جئنا نفتح الدنيا بلا إله إلا الله فادخلي جحورك بإذن الله فدخلت،
يقول محمد إقبال : 


لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها سجداتنا والأرض تقذف نارا 




وكأن ظل السيف ظل حديقة خضراء تنبت حولنا الأزهارا 




قال سفينة مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خطبنا رسول 
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: {ألا إنه لم يكن نبي قبلي إلا 
قد حذر الدجال أمته، هو أعور عينه اليسرى، بعينه اليمنى ظفرة غليظة، مكتوب 
بين عينيه كافر } وفي رواية كما قلت: تتهجى ك - ف - ر، أي: منفصلة: {يخرج 
معه واديان أحدهما جنة والآخر نار، فناره جنة، وجنته نار، ومعه ملكان من 
الملائكة يشبهان نبيين من الأنبياء لو شئت سميتهما بأسمائهما وأسماء 
آبائهما، واحد منهما عن يمينه والآخر عن شماله، وذلك فتنة، فيقول الدجال: 
ألست بربكم؟ ألست أحيي وأميت؟ فيقول له أحد الملكين: كذبت، ما يسمعه أحد من
الناس إلا صاحبه، فيقول له: صدقت؟ فيسمعه الناس، فيظنون أنما يصدق الدجال 
-هذا الملك يصدق الملك في تكذيب الدجال- فيظنه صدق الدجال، وذلك فتنة، ثم 
يسير حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيها، فيقول: هذه قرية ذلك الرجل، ثم 
يسير حتى يأتي الشام فيهلكه الله - عَزَّ وَجَلَ - عند عقبة وفيق } والحديث
سنده صحيح ووثق رجاله النسائي وله شواهد عند أهل العلم. 




وقد اختلف أهل العلم أيهما أفضل المدينة أم مكة ؟ 


فقال الإمام مالك : المدينة أفضل من مكة ، والصحيح: أن مكة أفضل، وأن 
الصلاة في الحرم بمائة ألف صلاة فيما سواه، وأن الصلاة في مسجده صَلَّى 
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بألف صلاه فيما سواه، إلا في الحرم المكي، ولكن 
المدينة لها ميزة في آخر الزمان كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 
{يأرز الإيمان إليها كما تأرز الحية إلى جحرها } وهذه بلاغة لا يدركها إلا 
أصحابه عليه الصلاة والسلام، وصف (يأرز) والحية لها جحر، فشبه الإيمان بها؛
لأن الإيمان في آخر الزمان يأرز إلى المدينة والمدينة تنفي خبثها وينصع 
طيبها، ولا يرتاح المنافقون في المدينة وتتشوش أفكارهم. 


والحقيقة أن المدينة فيها لأواء ولكنه لا يصبر على لأوائها إلا مؤمن، وهم 
الذين يحبون السكنى هناك، ولكن تجب الطاعة في أي مكان فإن الأرض لا تقدس 
أحداً، ولو كنت وراء البحر.




بعض صفات الدجال الواردة في الأحاديث


وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 
قال: {إن الدجال أعور العين اليسرى، عليه ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر 
قال وكفر } أي: جمة وظفرة، رأسه لا يحلق، هذه من علاماته، والحديث صحيح.


وعن سعد بن أبي وقاص -خال الرسول عليه الصلاة والسلام- ومدكدك امبراطورية 
فارس، وهو صاحب قادسية لا إله إلا الله، والتي حضرها وكان مريضاً رضي الله 
عنه وأرضاه كان مصدوراً، وكان في بطنه جراح، فجعلوا له وسادة على القصر، 
وأشرف على المعركة يديرها هناك حتى نصر الله أولياءه نصراً ما سمع التاريخ 
بمثله، ودخل إيوان كسرى فكبر فانصدع الإيوان، وهو صاحب الفتح العظيم، كان 
يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {هذا خالي فليرني كل امرؤ خاله } 
أي: يتحدى.


قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنه لم يكن نبي إلا وصف 
الدجال لأمته، ولأصفنه وصفاً لم يصفه أحد كان قبلي: إنه أعور، وإن الله - 
عَزَّ وَجَلَ - ليس بأعور } حديث صحيح وقد سبق له شواهد. 


وقال عليه الصلاة والسلام من حديث عمران بن حصين : {لقد أكل ومشى في 
الأسواق - يعني الدجال- } والذي يظهر بهذا الحديث أنه وجد في عهده صَلَّى 
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو في أول عهده، وكان يمشي في الأسواق، ثم قيده 
الله لفتنته في البئر التي ذكرت في الجزيرة في البحر، وسوف يخرج منها نعوذ 
بالله من فتنته. 


وكثير من الأمم يعترفون به، وحتى في علم اليهود والنصارى الصليبيين يعترفون
بهذا، ولكنهم لا يقفون منه موقفنا، لأنه يهودي فاليهود يتعصبون له، ويرون 
أنه من الفاتحين لهم، وأنه يعيد شيئاً من دولتهم، ولكن سوف يُدْحَر هو 
وإياهم بإذن الله. 


هذا الحديث حديث عمران : {لقد أكل الطعام ومشى في الأسواق } أخرجه الإمام 
أحمد والطبراني ورجاله ثقات إلا رجل اختلف فيه وفي إسناد أحمد يقول: علي بن
زيد وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح.


وبقي حديثان: حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {رأيت عند الكعبة مما يلي وجهها رجلاً آدم -يعني: 
يميل إلى السمرة- سبط الرأس -أي: مسترسل الشعر- على رجلين، يقطر رأسه من 
الدهن، فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح بن مريم عليه السلام، ورأيت وراءه رجل 
أعور العين اليمنى جعد الرأس أشبه من رأيت به ابن قطن -وابن قطن يقولون: 
رجل مات في الجاهلية، وقيل: يهودي، والصحيح أنه رجل مات في الجاهلية يعرفه 
الناس كان أعور- فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح الدجال }. 


وفي الصحيح عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: إن رسول الله صَلَّى 
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت ألا 
تعقلوا، إن المسيح الدجال رجل قصير أفحج -كما قلت متباعد الرجلين- جعد، 
أعور مطموس العين ليس بناتئة ولا حجراء -ناتئة يعني: ليست خارجة جداً! ولا 
حجراء ليست بغائرة- فإن ألبس عليكم أمره، فإن ربكم تعالى ليس بأعور، وإنكم 
لن تروا ربكم تعالى حتى تموتوا }.


نسأل الله أن يرينا وجهه الكريم: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى 
رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ 
يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [القيامة:21-25].




طريقة الاعتصام من فتنة المسيح الدجال


مسألة: كيف يُعصم من فتنة المسيح الدجال؟ 


يُعْصمُ منها أولاً: باتباع رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، فسنته سفينة 
نوح من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها هلك: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ 
اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ 
الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21].


ثانياً: كثرة الدعاء: {يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، يا مصرف 
القلوب والأبصار صرف قلوبنا إلى طاعتك } الثبات، الدعاء من الله - عَزَّ 
وَجَلَ - ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هداها. 


ثالثاً: بكثرة النوافل والعبادة، والاتجاه إلى الله، والصدق مع الله. 


رابعاً: بطلب العلم النافع الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم.


خامساً: بالدعوة إلى سبيل الله، فإن الداعي محصن: 


أول تحصين: ألا يكون مدعواً، فإذا كنت داعياً لم تكن مدعواً، فأولاً: أن 
تحصن نفسك فيحصنك الله عَزَّ وَجَلَ، ولذلك يقال في بعض الآثار: إن الله 
عَزَّ وَجَلَ يدخل المؤمنين يوم القيامة الجنة، فيترك الذين كانوا يدعون من
دعاة الأمة المحمدية، فيقولون: يا ربنا أدخلت الناس وتركتنا، قال: أنتم 
كبعض ملائكتي اشفعوا في الناس. 


توفي منصور بن المعتمر وكان واعظاً كبيراً فرئي في المنام قالوا: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وشفعني فيما شئت. 


فنسأل الله أن ينفعنا وإياكم، فالدعوة إلى سبيل الله والأمر بالمعروف 
والنهي عن المنكر هي مما يتقى به فتنة المسيح الدجال، أعاذنا الله من 
فتنته، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً


ودمتم بحفظ الرحمن





0 التعليقات:

إرسال تعليق